الأربعاء، 14 أبريل 2010

أمريكا و القاعدة وحكاية مسمار جحا

من المسلم به لدي ولدى كثير من القراء والباحثين ، أن أمريكا منذ أن أصبحت القطب الأوحد في العالم وهي تعتبر
العالم كله عمقها الاستراتيجي ، وأخذت على عاتقها مع الدول الغربية ، منع أي وحدة أو نهضة حقيقية في دول الامبراطورية العثمانية كما يسمونها ، لأنها بالنسبة لها الخطر الأخطر بعد الذي يهدد مشروعها ، وتمثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نواة حقيقية لأي وحدة يمكن أن تحدث ، خصوصا في ظل تنامي التيار الإسلامي وتوغله في المنطقة ، بالتوازي مع ظهور المحافظين والذين يؤثرون في سياسة أمريكا حتى بعد مجيء أوباما ، فكان لابد من وضع خطط ومشاريع للتقسيم ، وكذلك إشغال المنطقة في حروب إما عسكرية واما سياسية ، والأهم من ذلك السيطرة على مقدرات الأمة وعلى نقاط تميزها ، ومن هذه المميزات بطبيعة الحال المضائق والممرات التي يسيطر عليها العرب ، وخصوصا الموجوده منها بمنطقة الشرق الأوسط ، كقناة السويس ومضيق هرمز ومضيق باب المندب ، وهي مطامع لأمريكا ولكل الغرب بدون أدنى شك ، فكان لابد لأمريكا أن تضع يدها على كل تلك القدرات ، فقواعد أمريكا في الخليج العربي ، ووجود إسرائيل ، واحتلال العراق ، وإثارة النعرات الانفصالية في اليمن ، والحرب الأهلية في الصومال ، والتوتر في السودان ، والصراع على مياه النيل ، وغيرها ... ماهي إلا وسائل لإبقاء المنطقة ساخنة ، وصالحة ومهيئة للتدخل في أي وقت .


- التدخل الأمريكي وتصنيع المبررات :


والتدخل الأمريكي في المنطقة يكون على عدة أشكال وأنماط ، فهناك تدخل عسكري ، كما العراق وأفغانستان ، وكذلك الصومال سابقا ، وتدخل السياسي كما السودان ولبنان واليمن .وو .. وكذلك أشكال التدخل الاستخباراتي ، وغالبا أي تدخل أمريكي في المنطقة لابد من صنع مبرراته وتسويقها أما الرأي العام الأمريكي والعالمي وطبخ تلك المبررات بشكل جيد ،ولكن العجيب في الأمر أني عندما بحث في جميع المبررات وجدت شيئا مشتركا وحيدا بينها ، ألا وهو تنظيم القاعدة ، وما يسمى بالإرهاب ، وكلما ظهر في منطقة وجدت أمريكا مستعدة للتدخل فورا بما تتيحة ظروف تلك البلد وما يتيحة المناخ العالمي ، ويصحب ظهور التنظيم في مكان ما دعاية إعلامية كبيرة ، وتركيز شديد من الإعلام الأمريكي والغربي والعربي ، عندها تسمع الاساطير عن قوة هذا التنظيم وعظمته وتخطيطه وو ... الخ من الدعاية التي لاتملك ولا تبيع سوى الوهم وسرقة عقول الناس ، ومن ثم افتعال عمليات لهذا التنظيم ،و ظهور رؤوس التنظيم الجديد يصرحون في أفلام منتجة إنتاجا عالي الجودة ، عن زوال أمريكا !! وهزيمتها ودحرها !! مع الصورة النمطية للمتحدث والتي توحي بأنه سيغير وجه العالم ، ومن ثم يتناول الإعلام تلك التصريحات بالتحليل والنقد واستخلاص المواقف ، بحيث يتشكل رأي عام مهيء للتدخل في المنطقة صاحبة الشأن .


- الصومال واليمن نموذجا :


ولنأخذ اليمن والصومال نموذجا لهذا السيناريو ، فكلنا يعلم المطامع الأمريكية في هذه المنطقة ، فهي من أخطر المناطق الإستراتيجية في العالم ، وما انفكت البؤر الساخنة فيها تهدأ حتى تعاود الثوران من جديد بفعل فاعل وا صدفة ، ففي الصومال تم زرع تنظيم القاعدة زرعا ،عندما وجدت أمريكا أنه لامفر من وصول المحاكم الإسلامية للسلطة ، فكانت حركة الشباب ذلك السرطان الذي نمى في هدوء ثم انفجر في وجه المحاكم الاسلامية ، وهي حركة تصرح أنها تحمل فكر القاعدة ، وبدأت أخبارهم تظهر للعيان بعد وصول المحاكم للسلطة ، ومع تفاعل الوضع في الصومال أصبحت البلاد الان مهيئة أكثر من أي وقت مضى للتدخل الأجنبي خصوصا مع اقتراب سيطرة حركة الشباب على البلاد ، والحجج التي ستساق لو صلت حركة الشباب الى سدة الحكم هي إياها التي سيقت من قبل في كل المناطق التي تدخلت فيها أمريكا ، ويكفي أن يثار أمام الرأي العام العالمي أن القاعدة الان تسيطر على باب المندب أحد أهم ممرات العالم وتهدد التجارة العالمية والدولية ، وهذا من شأنه أن يشتري صمت بل و تعاون الدول العربية والاسلامية ، وبالتالي تكون أمريكا استخدمت تنظيم القاعدة كمسمار جحا في الصومال التي لطالما حلمت بالسيطرة عليها مرة أخرى .


وفي اليمن فالصورة أكثر قتامة وتشويشا ، لكن الخيط الوحيد الذي يوضح إرادة أمريكا في جعل اليمن مكانا لتدخلاتها ، هو مجيء العولقي من أمريكا حاملا الجنسية الأمريكة الى اليمن بمرأى ومسمع من السي آي آيه وموافقة الاف بي آي ، وكأنه زرع في اليمن زرعا ، ثم ترك فترة خاملا ، وفجأة يظهر لنا شبح العولقي من جديد ليتصدر المشهد السياسي اليمني والعالمي كمطلوب للولايات المتحدة ، تم صناعة بن لادن جديد في اليمن ، في حين لم تتعامل أمريكا مع قضية الحوثيين بالمثل حيث اتسم رد فعلها بالبرود والصمت ، في حين كان خطر الحوثيين أكبر وكان تسليحهم أعلى وأقوى ، وظهرت لنا تصريحات تنظيم القاعدة لتؤكد مخاوفي ، حيث صرح التنظيم بأنه يريد السيطرة على باب المندب ، ويبدو أن أمريكا كانت تدير كل هذه المواقف على نار هادئة ، وتم تثبيت مسمار جحا في اليمن ، فالعولقي والقاعدة خطر على العالم وتجارته وأمنه ، ولتتوج مساعي أمريكا وأمانيها في السيطرة على هذا الممر الهام ، لكن يبقى التساؤل : متى ؟ وكيف ؟ والوقت كفيل بشرح ما تبقى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق